تمنراست
ما من شك في ان الصحراء شكلت دوما تحديا صارخا للإنسان، بما تتضمنه تفاصيل الحياة اليومية
فيها من تحديات جمة لعل أبرزها الطقس الذي لا يكاد يستقر عل حال..بيد ان تلك التحديات لا تنسحب
على الإنسان الصحراوي الذي استطاع قهر الصحراء وجعلها طوع أمره في حله وترحاله..ولعل
ابرز العناصر التي ساهمت في تذليل الصعاب أمام الإنسان الصحراوي شيئين اثنين :
الجمل والخيمة..فالجمل ظل يطوي المسافات غير آبه بالعطش والجوع ولا بتعاقب الليل والنهار.
أما الخيمة فأضحت رديفة الاستقرار الذي يسعى إليه أهل الصحراء منذ الأزمنة الغابرة...
تعد الخيمة مسكن الإنسان الصحراوي والمكان الذي يوفر لحظة الاستقرار المنشودة في زحمة
التفاصيل..ورغم بساطة شكلها إلا أن نسجها ليس بالأمر الهين ويتطلب ردحا من الزمن قد يصل
الى اشهر..يبدأ ذلك بإحضار صوف الأغنام وفرز الجيد منه ليمر بمراحل منها ما يعرف ب ّالغزيلّ
بسكون الأم والغين أي النسج ثم ّلمحيطّ بسكون اللام والميم أي جعل الصوف خيوطا انسيابية وتلي
ذلك المرحلة الأكثر تعقيدا، والتي تستنفر فيها كل القوى من طرف نساء ما عرف في الصحراء ب
ّلفريكّ أي التجمع السكاني، وهي مرحلة إعداد ما يعرف محليا ب ّالفليجّ وهو تلك القطع التي تشبه
الحصير والتي ستشكل الدعامة الأساسية للخيمة...كما ان إعداد الخيمة لا يخلو من طقوس احتفالية
تلازمها من أول خطوة حتى تنتصب شامخة في لحظة انتصار على الطبيعة...
وتتعدد أشكال وأنواع الخيمة لكن أبرزها تلك المصممة على شكل مثلث..وهذا التصميم ليس
اعتباطيا فهو يقيها الاستسلام أمام الزوابع الرملية وهطل الأمطار..بيد أن السمة الأبرز للخيمة
هي شكلها الانسيابي ومرونتها في الحل والترحال فقد لا يستغرق نصبها بضع دقائق...
شكلت الخيمة دوما سيمفونية العشق الأبدي للإنسان الصحراوي وبيئته القاسية ..وظلت تلهب
خياله بما توفره من سبل العيش الكريم حيث وحشة المكان والزمان...ومع التطور وزمن العولمة
لاشيء يعادل لحظة سكون الليل والإنسان الصحراوي يتسامر مع أهله تحت ضوء القمر وفي
رحاب الخيمة... و ليرحم الله جدتي التي ربتني في مؤسسة الخيمة رغم ان الديار كانت على
مرمى حجر..
أخوكم دودو
لا تنسوا الردود أرجوكم